منبر حر لكل اليمنيين

عدن تقود الغضب الشعبي… والمرأة في صدارة النضال

عدي الحميري

في لحظة مفصلية من عمر الألم اليمني، وقفت عدن من جديد، لكن هذه المرة بصوت النساء. خرجت حرائر المدينة إلى الشارع، لا طلبًا لامتيازات ولا تعبيرًا عن رغبة عابرة، بل للمطالبة بحقوق هي في الأصل واجبات على من يدّعون أنهم مسؤولون.

خرجت نساء عدن بعدما صمت الجميع. صمت الرجال، صمت المؤسسات، صمت العالم. صمت أصبح شريكًا في الجريمة. خرجن ليقلن: كفى عبثًا. كفى جوعًا. كفى عتمة. كفى تجاهلًا لكرامة الإنسان.

لم يرفعن شعارات فارغة، بل صدحن بمطالب بسيطة: كهرباء لا تنقطع، ماء لا يُشترى بالدَّين، راتب لا يُذلّ المواطن في سبيله، ومستشفى لا يُسلّم حياة الناس للموت المجاني. هذه المطالب التي يفترض أن تكون من البديهيات، أصبحت اليوم في اليمن أمنيات تُقابل بالخذلان.

في مشهد نضالي نادر، تصدّرت المرأة المشهد اليمني، لتقود الغضب نيابة عن الملايين. جسّدت المرأة اليمنية في عدن، مرة أخرى، حقيقتها التي لطالما عرفناها: أمًّا مناضلة، وزوجة صامدة، وأختًا لا تنكسر، وصوتًا لا يُخنق.

لكن المفارقة أن هذه الصرخة النسائية لا تعبّر عن عدن وحدها. بل هي صدى لكل مدن اليمن المنهكة. هي صوت تعز وصنعاء والمكلا وحجة والحديدة، هي بكاء الشمال والجنوب على جسد واحد يُجلد من طرفين: سلطة فاشلة في المناطق المحررة، وميليشيا غاشمة في مناطق الانقلاب.

فما بين غياب الدولة في الجنوب، وخنق الحريات في الشمال، يدفع المواطن اليمني الثمن كاملًا: لا تعليم، لا صحة، لا أمان، لا دولة. في الجنوب، تبدو الشرعية وكأنها تخلّت حتى عن وهم المسؤولية. وفي الشمال، استبداد لا يرحم، وتجويع ممنهج، وواقع يرفض حتى الاعتراف بالبشر ككائنات لها حقوق.

ومع ذلك، تخرج المرأة اليمنية لتقول: لسنا عاجزين. هذه الصرخة التي أطلقتها نساء عدن ليست سوى بداية. إنها تذكير لنا جميعًا بأن هناك من لا يزال يؤمن بهذا الوطن، ويصرّ على الحياة فيه رغم الموت المُمنهج.

إن خروج النساء بهذا الشكل البطولي، يحمّل الجميع مسؤولية الاستفاقة. لا يجوز بعد اليوم أن نعيش كمتفرجين. لا بد أن يكون لكل يمني موقف. أن نكون إلى جانب الحق، لا على هامش العار.

عدن اليوم لم تقد مظاهرة فقط، بل قادت الوعي. قادت الروح. قادت الغضب المشروع في وجه الظلم والخذلان. والمرأة فيها كانت – كعادتها – في صدارة النضال.
فمن يلحق بها ؟

تعليقات