بين جرح الوطن وخيانة مسؤلي الوظيفة العامة.
في محافظة إب، حيث تمتزج ذاكرة التعليم بتاريخ طويل من العطاء، عاش آلاف الموظفين سنوات عمرهم داخل الفصول والمدارس، يقدّمون للوطن ما يستطيعون دون انتظار مقابل. كثير منهم أفنى ثلاثين عامًا وأكثر في خدمة المجتمع، (يعلّم، يربي، ويؤدي رسالته بأمانة) لكن هذا الجهد الطويل انتهى فجأة بقرار ظالم: التغييب في السجن دون تهمه او التهجير القسري من منازلهم،
ومن ثم إقصاؤهم من وظائفهم، وكأن أعمارهم وتضحياتهم لم تُحتسب يومًا.
القصة ليست مجرد تنكيل بموظفين، بل هي ضربة متعمدة لواحدة من أنبل المهن. فبعد تهجيرهم، قامت جماعة الحوثي باستبدالهم بعناصر تابعين لها، كثير منهم لا يمتلك أدنى مؤهلات التربية والتعليم. المعيار الوحيد لتوظيفهم كان الولاء… (لا الخبرة، ولا الكفاءة، ولا تاريخ من العمل الشريف) الهدف واضح: حوثنة التعليم وتحويل المدارس إلى مؤسسات تعبئة فكرية لا علاقة لها برسالة المدرسة ولا بمصلحة الأجيال.
رغم ان الجماعة بعد ان احتلت بعض المحافظات حرمتهم لسنوات من رواتبهم الا من نصف راتب في بعض المناسبات الا انهم استمروا في عملهم حاملين رسالة التعليم على عاتقهم . ولكن بعد ان تم تهجيرهم وطردهم من محافظتهم وبيوتهم وسجن الكثير منهم تم استبعادهم من وظائفهم.
إن ما حدث لهؤلاء الموظفين هو شكل من أشكال العقاب الجماعي. فحرمانهم من مصادر رزقهم بعد تهجيرهم ليس مجرد مخالفة قانونية، بل إهانة لسنوات الخدمة التي قدموها للوطن. هؤلاء كانوا عماد العملية التعليمية، ومع ذلك تمت معاملتهم وكأنهم غرباء في وطنهم .
أما البدلاء الذين تم فرضهم على المدارس، فالكثير منهم لم يعرف يومًا معنى المنهج، ولا مهارات التدريس، ولا أخلاقيات المهنة. وجودهم داخل المؤسسات التعليمية ليس لغرض التعليم بل لغرض إعادة تشكيل وعي الجيل القادم بما يخدم الجماعة وزعيمها. إنها محاولة لتربية نشء يرى الحوثي مصدر الشرعية الوحيد، ويعامل الوطن وكأنه ملكية خاصة.
النتيجة ليست فقط تدمير مستقبل الموظفين المُقصَين، بل تدمير مستقبل محافظة بكاملها. حين يُستبعد أصحاب الخبرة لصالح الولاء، يفقد التعليم روحه، وتفقد المدارس قدرتها على بناء الإنسان. وهذا بالضبط ما يهدد المجتمع: جيل يُربّى على الطاعة العمياء بدل التفكير، وعلى العقيدة الحوثية بدل قيم الوطن.
إن قضية الموظفين المهجّرين من إب ليست ملفًا إداريًا عابرًا، بل جرحًا وطنيًا عميقًا. هي قصة ظلم يجب أن تُروى، وحق يجب أن يُستعاد، وجرس إنذار بأن مستقبل التعليم في المناطق الخاضعة للحوثيين يُعاد تشكيله بطريقة خطيرة لا تحترم الإنسان ولا تقدر الرسالة التربوية.
– تحذير مهم لأولياء الأمور
على أولياء الأمور أن يدركوا أن أبنائهم هم الضحية الأولى. فالمعلم غير المؤهل لا يصنع طالبًا واعيًا، بل يصنع جيلاً هشًا، ضعيف التفكير، ومفتوحًا للتأثير الأيديولوجي. ترك الأمور تمضي دون موقف يعني أنك تسلّم ابنك لأفكار لا تمت للوطن ولا للقيم بصلة.
إذا لم يتحرك أولياء الأمور اليوم، فسيجدون أبناءهم غدًا يدفعون الثمن:
ضعف في المستوى العلمي، تشويه في الهوية، وانجراف نحو ثقافة تخدم جماعة لا تخدم الوطن.
الوضع لا يحتمل الانتظار لان الجماعه تعمل على.
– ملشنة المدارس.
– تجنيد الاطفال.
– تربية الطلاب على القتل وعمل دورات خاصة للطلاب عن القتل بدم بارد
– تربية الطلاب على العداء للاخر بمجرد مخالفته لفكر الجماعة
ولنعلم جميعا ان الصمت على هذا العبث هو موافقة غير مباشرة على تحويل المدارس إلى أدوات تجنيد فكري.
وأقل واجب يمكن فعله هو أن يتحرك المجتمع – بكل أطيافه – للمطالبة بعودة الكفاءات، ورفض فرض عناصر غير مؤهلة على مستقبل أبنائهم.
*ناشط حقوقي وسياسي.