منبر حر لكل اليمنيين

فوضى الأسعار تضرب عدن… الحكومة تفشل في ضبط أجور النقل وأسعار الأدوية والملبوسات

خبر للأنباء/

رغم التحسّن النسبي الذي شهده سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية خلال الأشهر الماضية، فإن المواطنين في العاصمة المؤقتة عدن لم يلمسوا انعكاسات ذلك في مختلف القطاعات، في ظل عجز الحكومة عن فرض الالتزام بالتسعيرات المُعلن عنها رسمياً، لا سيما المتعلقة بالأدوية أو أجور النقل الداخلي والخارجي التي أعلنتها مؤخراً، وكان يُفترض أن تُخفّض تكاليف المواصلات بنسبة تراوحت بين 20 و30 في المئة.

ورغم إصدار وزارة النقل والسلطات المحلية في عدن توجيهات مشددة بتطبيق التسعيرة الجديدة، تجاهلها سائقو المركبات كلياً، رغم تراجع أسعار الوقود (بنزين وديزل) بنحو 30% تزامناً مع تحسّن قيمة العملة، إذ انخفض سعر الدولار إلى 1619 ريالاً بعد أن اقترب سابقاً من 2800 ريال، والريال السعودي إلى 425 ريالاً بعد تجاوزه 760 ريالاً. ومع ذلك، ما تزال أجور النقل بين المديريات 500 ريال وداخلها 200 ريال.

ونشرت وزارة النقل قوائم جديدة حدّدت الأجرة بين المديريات بـ400 ريال وداخلها بـ200 ريال، لكن نقابات النقل والسائقين رفضوا التجاوب، مبرّرين ذلك بعدم خفض سعر أسطوانة الغاز التي تعمل عليها المركبات، إذ ما تزال تُباع بأكثر من 9 آلاف ريال.

وأكد سائقون أنهم سيبقون على التسعيرة الحالية حتى يتم خفض السعر رسمياً، فيما يرى مواطنون أن السائقين يستغلون ضعف الرقابة الحكومية للبقاء على هذه التسعيرة منذ نحو عام حين ارتفع سعر الأسطوانة إلى نحو 17 ألف ريال، قبل أن يتراجع إلى 6 آلاف، ثم يعود إلى السعر الحالي بفعل أزمات افتعلتها أطراف تجارية وقوى نفوذ حكومية، إضافة إلى قطاعات مسلّحة كانت تُنصب لقاطرات النقل في مأرب وأبين، ومع ذلك، يرفض السائقون أي تخفيض.

استنزاف دخل الأسر

يقول مواطنون لوكالة “خبر” إن غياب الرقابة الحكومية فاقم معاناتهم، إذ أصبح الإنفاق اليومي على النقل (ذهاباً وإياباً) يقارب 1400 ريال للعاملين و400 ريال لطلبة المدارس، وهو ما يستنزف أكثر من ثلث دخل الأسر محدودة الدخل، التي تعاني أصلاً من ارتفاع أسعار السلع والخدمات دون أي تحسّن في الأجور أو مستوى المعيشة.

وترى مصادر اقتصادية أن هذا الفشل الرقابي يعد انعكاساً لهشاشة الأجهزة التنفيذية وتعدد مراكز القرار داخل الحكومة، ما جعلها عاجزة عن فرض سياسات اقتصادية مستقرة أو إجراءات رقابية فعالة.

ارتفاع أسعار الأدوية

ولم يقتصر الانفلات السعري على قطاع النقل، بل امتد إلى القطاع الصحي، الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الأدوية والخدمات الطبية بنسبة تراوحت بين 10 و25 في المئة، رغم تحسّن العملة.

ويشير اقتصاديون إلى أن غياب الرقابة الحكومية على المستشفيات والصيدليات جعلها تحدد الأسعار وفقاً لهوامش ربحية عشوائية دون أي التزام بالتسعيرة الرسمية.

كما أن ضعف الجهات الرقابية في وزارتي الصحة والصناعة والتجارة، وتداخل صلاحياتها مع السلطات المحلية، إضافة إلى شراكة بعض قوى النفوذ في استثمارات القطاع الصحي، زاد من حالة الفوضى وأفقد المواطنين الثقة بقدرة الحكومة على حماية مصالحهم.

فوضى تجارية

وفي قطاعات أخرى مثل الملبوسات والسلع غير الأساسية، تسود فوضى تسعيرية واضحة لغياب القوائم الرسمية وآليات الرقابة، ما يمنح التجار حرية مطلقة في تحديد الأسعار.

ويؤكد مواطنون أن بعض المراكز التجارية تبيع قطع الملابس بأسعار مرتفعة تصل إلى 40 ألف ريال، رغم انخفاض تكلفة الأقمشة وعدم جودتها، مشيرين إلى أنه عند تحسّن العملة، قامت هذه المراكز بإخفاء البضائع مؤقتاً ثم اعادت طرحها بأسعار مماثلة بحجة أنها جديدة.

كما يشكو تجار من ارتفاع إيجارات المحال التجارية، مرجعين ذلك إلى “جشع المؤجرين” وعدم تطبيق القوانين المنظمة للعلاقة بين الطرفين، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع.

انقسامات حكومية

ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار الفوضى الاقتصادية في عدن، رغم إعلانات الحكومة المتكررة عن خطط الإصلاح، يؤكد فشلها في إدارة الملف الاقتصادي، وأن الانقسامات داخل مكوناتها تشلّ قدرتها على التنفيذ، محملين الحكومة كامل المسؤولية عن هذا التدهور الذي يقوّض ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.

وأوضح الخبراء لـ”خبر”  أن تسعيرة النقل الحكومية “لم تكن مدروسة بعمق ولم تُبنَ على اتفاق واضح مع النقابات”، مشيرين إلى أن “أي قرارات اقتصادية بلا رقابة صارمة ومساءلة حقيقية ستظل عديمة الجدوى”.

وأضافوا أن استمرار انفلات الأسعار، خصوصاً في قطاعي الصحة والمواصلات، سيؤدي إلى مزيد من تآكل القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات الفقر.

وأمام هذا المشهد من التباينات والجشع التجاري، تبقى الحكومة مسؤولة أولى عن فرض الرقابة على الأسعار وجودة الخدمات، لحماية المواطنين من الاستغلال وتخفيف معاناتهم، إذ إن تحسّن العملة لا يعني بالضرورة انتهاء المعاناة مقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل الحرب التي اندلعت عقب انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2014.

تعليقات