منبر حر لكل اليمنيين

مساكين يعملون في الحرب

شعر/ يحيى الحمادي

أيتها البلاد..
نحن لا نَبكي طائرةً
بل نَبكي جَناحَكِ المحترقَ
ونافذتَكِ التي أُغلِقَت
في وُجوهِ العائدين شَوقًا
والراحلينَ ضِيقًا.

يا بلادًا
صار البقاءُ فيها اكتئابًا
والسفرُ منها عذابًا
والرجوعُ إليها اغترابًا،
مَن سيَحمل إليك الهدايا
وقلبُ المسافر محترقٌ
وعينُهُ قطعةُ فحمٍ
ودَمعتُهُ رماد.

هذا اللّهيبُ
ليس نارًا فحَسب
بل هُوِيّتُنا، وذاكرتُنا
وآثارُ خيباتِنا
وخِياناتِنا
وعَجزِنا..
تتصاعد مع الدُّخانِ.

في هذه النار
لم تَحترق طائرةٌ فارغةٌ
بل احترقت تَذاكِرُ مليئةٌ بالحنين
ومَقاعِدُ انتظارٍ
لمساكينَ يَعملون في الحَرب
وطَلَبةٍ في فصولِ الغرباء
ومَرضى متعلقين بشَعرةِ الحياة
وتجارٍ يُشيّعون آخِرَ سنبلةٍ
أخطأتها سنواتُ الجراد.

أيتها البلاد..
ما الذي لم يَحترق بعد
لِنصَدِّقَ أنكِ احترقتِ
وأننا رمادُك؟!
هذا الاحتراقُ
ليس إلا احتراقَ وَجهِكِ في عيونِنا
وقلوبِنا في صَدرِك.

نَعلَمُ أنّ الرمادَ ليس النهايةَ
ما دامت العنقاءُ كامنةً فيه
والطائرةَ ليست الغايةَ
بل الوسيلةُ،
لكنْ..
غيرَ أن نَظلّ نَكتبُ
ونكتبُ
ونكتبُ..
ما الذي نفعلُه؟!

سنظلّ نَحترقُ شوقًا إليك
مهما سِرنا حفاةً
أو عُدنا غرقى،
سنظلُّ نَواسِيكِ بالشعر
ونُرمّمكِ بالأغاني
ونرسمكِ على الأنقاض،
حتى تعودَ سماؤُكِ زرقاءَ
وجناحُكِ أَبيضَ
لا دمَ فيه
ولا دخان.

تعليقات